بسم الله الرحمن الرحيم
((تمني الموت))
عن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:{{لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقولُ:
يا ليتني مكانه!!!}}.
رواه البخاري(7115).
أيها الأحبة:أن هذا الحديث بين لنا حال المؤمنين وفي مقدمتهم العلماء الصادقون، عند اشتداد الفتن والمحن في أخر الزمان قبل قيام الساعة.
نعم هذا حال المؤمنين وحدهم، خاص بهم لأنهم أهل الخير المتمسكون بالدين الحق العتيق الذي شعاره ومداره على الكتاب العزيز والسنة الشريفة عملا بهذا الوحي الصادق بفهوم السلف الصالحين رضوان الله عليهم أجمعين.
وهذا الحال أو التمني للموت لا يكون منهم إلا خلاصاً لهم من هذه الفتن المبيرة الكثيرة التي تعصف بالقلوب والعقول وتزلزل الأيمان فيها زلزالاً، فلا يبقى إمامها شيء صامد إلا أهل الأيمان والإحسان المحفوظون بحفظ الرحمن، ومع هذا يتمنون الموت مع هوله وعظمته، لشدة وقوة هجوم الفتن العمياء الدهماء.
قال أبي حازم-رحمه الله-انه: (يقع البلاء والشدة حتى يكونالموتُ الذي هو أعظم المصائبأهون على المرء فيتمنى أهون المصيبتين في اعتقاده).
فهذه الفتن وكثرتها التي تجبر المؤمن على تمني الموت، صور لنا الصادق المصدوق-صلى الله عليه وسلم-كثافة هجومها على المؤمن؛ فعن أسامة-رضي الله عنه-: أن النبي-صلى الله عليه وسلم-أشرف-علا-على أُطم-حصن-من آطام المدينة، ثم قال:{{هل ترون ما أرى؟؟؟
إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر}}مسلم(2885).
قال الإمام النووي-رحمه الله-في شرحه(18\366)
((والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم، أي أنها كثيرة)).
لهذا يتعجل المؤمن الموت ويتمناه،
فراراً منها،
وخشية على دينه،
بل تراه يغبط كل من مات سالما مسلما منها، ومات على الإسلام ولم تصب منه في دينه شيئاً.
أذاً هذا التمني للموتهو من أجل المحافظة على الدين ولا سبيل له أمام هذه الفتن العاتية إلا الموت.
نقل الحافظ-رحمه الله- في الفتح عند شرح هذا الحديث قول ابن بطال-رحمه الله-: ((تغبط أهل القبور، وتمني الموت عند ظهور الفتن إنما هو خوف ذهاب الدين بغلبة الباطل وأهله، وظهور المعاصي والمنكر)).
وقال الحافظ في الفتح أيضا(13\81) [أخرج الحاكم من طريق أبي سلمة قال: ((عُدتُ أبا هريرة، فقلتُ:اللهم اشف أبا هريرة، فقال:اللهم لا ترجعها،
إن استطعتَ يا أبا سلمة فَمُت،
والذي نفسي بيده ليأتين على العلماء زمان الموت أحب إلى أحدهم من الذهب الأحمر،
وليأتين أحدهم قبر أخيه فيقول:ليتني مكانه)).
وفي كتاب الفتن من رواية عبد الله بن الصامت-رضي الله عنه-عن أبي ذر-رضي الله عنه-، قال: (يوشك أن تمر الجنازة في السوق على الجماعة فيراها الرجل فيهز رأسه فيقول:
يا ليتني مكان هذا،
قلتُ:يا أبا ذر، إن ذلك لَمِن أمرٍ عظيم، قال:أجل)).].
أيها الأحبة:هذا التمني للموت لا يتعارض مع النهي عن تمني الموت الذي جاء في قوله-صلى الله عليه وسلم-:
{{لا يتمنى أحدكم الموت، إما محسناً فلعله يزادُ، وإما مسيئاً فلعله يستعتب}}متفق عليه.
فالنهي هنا عن تمني الموت، لأنه من أجل ضر دنيوي نزل به كما بينه الحديث الأخر:{{لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنياً، فليقل:اللهم أحيني ما كانت الحياةُ خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاةُ خيراً لي}}متفق عليه.
أما تمني الموت في الحديث الأول فهو من أجل المحافظة على الدين والثبات عليه بسبب الفتن الفتانة عن الدين فهذا لابأس فيه، فهذا نبي الله يوسف-عليه السلام-قال:
{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }يوسف101.
وهذه مريم العذراء-رضي الله عنها-لما خافت الفتنة، قالت:
{ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً }مريم23.
قال القرطبي-رحمه الله-في التذكرة(1
((وأما مريم عليها السلام فإنما تمنت الموت لوجهين:
أحدهما:
أنها خافت أن يظن بها السوء في دينها وتعير، فيفتنها ذلك.
الثاني:
لئلا يقع قوم بسببها في البهتان والزور، والنسبة إلى الزنا، وذلك مهلك لهم، والله أعلم)).
((تمني الموت))
عن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:{{لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقولُ:
يا ليتني مكانه!!!}}.
رواه البخاري(7115).
أيها الأحبة:أن هذا الحديث بين لنا حال المؤمنين وفي مقدمتهم العلماء الصادقون، عند اشتداد الفتن والمحن في أخر الزمان قبل قيام الساعة.
نعم هذا حال المؤمنين وحدهم، خاص بهم لأنهم أهل الخير المتمسكون بالدين الحق العتيق الذي شعاره ومداره على الكتاب العزيز والسنة الشريفة عملا بهذا الوحي الصادق بفهوم السلف الصالحين رضوان الله عليهم أجمعين.
وهذا الحال أو التمني للموت لا يكون منهم إلا خلاصاً لهم من هذه الفتن المبيرة الكثيرة التي تعصف بالقلوب والعقول وتزلزل الأيمان فيها زلزالاً، فلا يبقى إمامها شيء صامد إلا أهل الأيمان والإحسان المحفوظون بحفظ الرحمن، ومع هذا يتمنون الموت مع هوله وعظمته، لشدة وقوة هجوم الفتن العمياء الدهماء.
قال أبي حازم-رحمه الله-انه: (يقع البلاء والشدة حتى يكونالموتُ الذي هو أعظم المصائبأهون على المرء فيتمنى أهون المصيبتين في اعتقاده).
فهذه الفتن وكثرتها التي تجبر المؤمن على تمني الموت، صور لنا الصادق المصدوق-صلى الله عليه وسلم-كثافة هجومها على المؤمن؛ فعن أسامة-رضي الله عنه-: أن النبي-صلى الله عليه وسلم-أشرف-علا-على أُطم-حصن-من آطام المدينة، ثم قال:{{هل ترون ما أرى؟؟؟
إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر}}مسلم(2885).
قال الإمام النووي-رحمه الله-في شرحه(18\366)
((والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم، أي أنها كثيرة)).
لهذا يتعجل المؤمن الموت ويتمناه،
فراراً منها،
وخشية على دينه،
بل تراه يغبط كل من مات سالما مسلما منها، ومات على الإسلام ولم تصب منه في دينه شيئاً.
أذاً هذا التمني للموتهو من أجل المحافظة على الدين ولا سبيل له أمام هذه الفتن العاتية إلا الموت.
نقل الحافظ-رحمه الله- في الفتح عند شرح هذا الحديث قول ابن بطال-رحمه الله-: ((تغبط أهل القبور، وتمني الموت عند ظهور الفتن إنما هو خوف ذهاب الدين بغلبة الباطل وأهله، وظهور المعاصي والمنكر)).
وقال الحافظ في الفتح أيضا(13\81) [أخرج الحاكم من طريق أبي سلمة قال: ((عُدتُ أبا هريرة، فقلتُ:اللهم اشف أبا هريرة، فقال:اللهم لا ترجعها،
إن استطعتَ يا أبا سلمة فَمُت،
والذي نفسي بيده ليأتين على العلماء زمان الموت أحب إلى أحدهم من الذهب الأحمر،
وليأتين أحدهم قبر أخيه فيقول:ليتني مكانه)).
وفي كتاب الفتن من رواية عبد الله بن الصامت-رضي الله عنه-عن أبي ذر-رضي الله عنه-، قال: (يوشك أن تمر الجنازة في السوق على الجماعة فيراها الرجل فيهز رأسه فيقول:
يا ليتني مكان هذا،
قلتُ:يا أبا ذر، إن ذلك لَمِن أمرٍ عظيم، قال:أجل)).].
أيها الأحبة:هذا التمني للموت لا يتعارض مع النهي عن تمني الموت الذي جاء في قوله-صلى الله عليه وسلم-:
{{لا يتمنى أحدكم الموت، إما محسناً فلعله يزادُ، وإما مسيئاً فلعله يستعتب}}متفق عليه.
فالنهي هنا عن تمني الموت، لأنه من أجل ضر دنيوي نزل به كما بينه الحديث الأخر:{{لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنياً، فليقل:اللهم أحيني ما كانت الحياةُ خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاةُ خيراً لي}}متفق عليه.
أما تمني الموت في الحديث الأول فهو من أجل المحافظة على الدين والثبات عليه بسبب الفتن الفتانة عن الدين فهذا لابأس فيه، فهذا نبي الله يوسف-عليه السلام-قال:
{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }يوسف101.
وهذه مريم العذراء-رضي الله عنها-لما خافت الفتنة، قالت:
{ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً }مريم23.
قال القرطبي-رحمه الله-في التذكرة(1
((وأما مريم عليها السلام فإنما تمنت الموت لوجهين:
أحدهما:
أنها خافت أن يظن بها السوء في دينها وتعير، فيفتنها ذلك.
الثاني:
لئلا يقع قوم بسببها في البهتان والزور، والنسبة إلى الزنا، وذلك مهلك لهم، والله أعلم)).