السلااام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسسسم الله الرحمان الر
موعظة لمن لم يتَّعظ
*ايها المضيع لآكد الحقوق ,المتعاض من بر الوالدين العقوق, الناسي لما يجب عليه, الغافل عمَّا بين يديه ,برُّ الوالدين عليك دين, وأنت تتعاطاه باتباع الشين , تطلب الجنة بزعمك , وهي تحت أقدام أمك, حملتك في بطنها تسعة أشهر كأنها تسع حجج, وكابدت عند الوضع ما يذيب المهج , وأرضعتك من ثديها لبناً, وأطارت لأجلك وسنا , وغسلت بيمينها عنك الأذى, وآثرتك على نفسها بالغذاء ,وصيرت مهجها لك مهداً, وأنالتك احساناً ورفداً, فإن أصابك مرض أو شكاية ,أظهرت من الأسف فوق النهاية ,وأطالت الحزن والنحيب , وبذلت ما لها للطبيب, ولو خيرت بين حياتك وموتها ,لطلبت حياتك بأعلى صوتها, هذا وكم عاملتها بسوء الخلق مراراً, فدعت لك بالتوفيق سراً وجهاراً, فلما احتاجت عند الكبر إليك ,جعلتها من أهون الأشياء عليك , فشبعت وهي جائعة ورويت وهي قانعة, وقدَّمت عليها أهلك وأولادك بالاحسان ,وقابلت أياديها بالنسيان,وصعب عليك أمرها وهو يسير ,وطال عليك عمرها وهو قصير,هجرتها وما لها سواك نصير ,هذا ومولاك قد نهاك عن التأفف, وعاتبك في حقها بعتاب لطيف,ستعاقب في دنياك بعقوق البنين ,وفي أخراك بالبعد من ربِّ العالمين, يناديك بلسان التوبيخ والتهديد, "ذلك بما قدمت يداك وان الله ليس بظلامٍ للعبيد":
لأمك حقُّ لو علمت كثير********كثيرك ياهذا لديه يسير
فكم ليلة باتت بثقلك تشتكي********لها من جواها آنة وزفير
وفي الوضع عليها مشقَّةٌ******** فمن غصص منها الفؤاد يطير
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها********وما حجرها الا لديك سرير
وتفديك مما تشتكيه بنفسها********ومن ثديها شرب لديك نمير
وكم مرة جاعت وأعتطتك قوتها********حنانا وإشفاقا وانت صغير
فآها لذي عقل ويتبع الهوى********وآها لأعمى القلب وهو بصير
فدونك فارغب في عميم دعائها********فأنت لما تدعوا إليه فقير
وحكي انه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم شاب يسمى علقمة وكان كثير الإجتهاد في طاعة الله في الصلاة والصوم والصدقة ,فمرض واشتدَّ مرضه فارسلت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم :ان زوجي علقة في النزع ,فأردت أن أعلمك يا رسول الله عليك صلات الله بحاله .فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عماراً وصهيباً وبلالاَ وقال: امضوا إليه ولقنوه الشهادة, فمضوا اليه ودخلوا عليه فوجدوه في النزع ,فجعلوا يلقنونه "لا إله إلا الله ",ولسانه لا ينطق بها فأرسلو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه انه لا ينطق لسانه بالشهادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل من أبويه أحد حي ؟قيل يا رسول الله أم كبيرة السن , فأرسل اليها رسول اللع صلى الله عليه وسلم وقال للرسول :قل لها ان قدرت على المسير إليَّ وإلا فقري في المنزل حتى يأتيك . قال فجاء اليها الرسول فأخبرها بقول رسول الله صللى الله عليه وسلم فقالت نفسي لنفسه فداء ,أنا أحقُّ باتيانه .فتوكأت وقامت على العصا , واتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت فردَّ عليها السلام وقال لها : ياأم علقمة أصدقيني ان كذبتي جاء الوحي من الله تعالى , كيف كان حال ولدك علقمة ؟ قالت : يارسول الله كثير الصلاة , كثير الصيام ,كثير الصدقة .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حالك؟قالت: يارسول الله أنا عليه ساخطة . قال: ولم؟ قالت يارسول كانت يؤثر علي زوجته ويعصيني . فقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه : ان سخط أم علقمة حجب لسان علقمة عن الشهادة . ثم قال:يا بلال انطلق واجمع لي حطباً كثيراً.قالت يا رسول الله وما تصنع ؟قال:أحرقه بالنار بين يديك.قالت يا رسول الله ولدي لا يحتمل قلبي أن تحرقه بالنار بين يدي .قال : يا أم علقمة عذاب الله أشد وأبقى ,فان سرك أن يغفر الله له فارضي عنه فوالذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصيامه ولابصلاته ولا بصدقته ما دمت عليه ساخطه .فقالت: يارسول الله اني اشهد الله تعالى وملائكته ومن حضرني من المسلمين اني قد رضيت عن ولدي علقمة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :انطلق يا بلال وانظر هل يستطيع ان يقول لا إله إلا الله أم لا؟ فلعل ام علقمة تكلمت بما ليس في قلبها حياء مني .فانطلق فسمع علقمة من داخل الدار يقول :"لا إله إلا الله", فدخل بلال فقال : يا هؤلاء ان سخط ام علقمة حجب عن لسانه الشهادة , وان رضاها اطلق لسانه .ثم مات علقمة من يومه ,فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بغسله ودفنه ثم صلى عليه وحضر دفنه,ثم قام على شفير قبره يقول :يا معشر المهاجرين والأنصار من فضل زوجته على أمه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ,لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً إلا ان يتوب لله عزَّ وجل ويحسن اليها ويطلب رضاها ,فرضى الله من رضاها , وسخط الله من سخطها .فنسأل الله أن يوفقنا لرضاه ,وأن يجنبنا سخطه , انه جواد كريم رؤوف رحيم . ونسأله العفو والعافية والرضا والعتق من النار والحمد لله ربِّ العالمين.